روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | القبول مطلب نفسي واجتماعي.. الحاجة إلى الحب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > أولاد وبنات (طفولة وشباب) > القبول مطلب نفسي واجتماعي.. الحاجة إلى الحب


  القبول مطلب نفسي واجتماعي.. الحاجة إلى الحب
     عدد مرات المشاهدة: 6404        عدد مرات الإرسال: 0

إن القبول والحب من الحاجات التي يحتاج إليها المراهق، وكثير من الشباب يبحثون عن إيجاد ذلك الحب والقبول الذي يشبع رغبتهم، (فالقبول مطلب نفسي واجتماعي، لا يستغني عنه الإنسان.

فالفرد في وسط البيئة الأسرية والاجتماعية يسعى للحصول على الرضا والمحبة والتقدير من الآخرين.

ويكره أن يستهين به الآخرون، أو أن يحقروه، ويحس بألم وضيق نفسي من جراء ذلك، ويسعى لتلافيه ما استطاع) [المراهقون، عبد العزيز النغيمشي، ص(59)].

إذًا فالحب حاجة من الحاجات التي يجب إشباعها لدى المراهق، فهو يحتل المرتبة الثالثة في هرم الحاجات لماسلو.

بين الحب الحقيقي والحب الزائف:

هناك فرق بين الحب الحقيقي والحب الزائف، فالحب الزائف هو أن تجد الناس يحبونك من أجل مصلحة معينة، أو لأنك خفيف الظل تضحكهم، فهذا النوع من الحب سرعان ما يزول لأنه غير مبني على أساس ثابت.

أما الحب الحقيقي هو الذي يُنال من عند الله تبارك وتعالى، فالله عندما يحب عبدًا من عباده يضع له القبول في الأرض، فتجد الناس يحبونه بمجرد أن يروه.

وتلك المحبة أيها الشاب لها مقدماتها من طاعة لله تبارك وتعالى وعبادته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه.

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عاد لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه.

ولا يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه.

وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت, وأنا أكره مساءته) [رواه البخاري].

فعندما يطيع المسلم ربه سبحانه وتعالى، ويحب مولاه من قلبه، كان ذلك من موجبات محبة الله تعالى له، فتأمل معي في هذه المكافآت الإلهية الجليلة التي يعطيها مالك الملك.

وذلك لمن ثابر ودأب على طاعته سبحانه واستقام، وأعظم تلك المكافآت هي أن يحبه ربه ومولاه، وما بالك بعد أن قد اصطفاه الله عز وجل.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال إني أحب فلانًا فأحبه فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء.

فيقول إن الله تعالى يحب فلانًا، فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل.

فيقول إني أبغض فلانًا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض) [رواه مسلم].

فوالله إنها لنعمة (لا تقوم لها الدنيا وما فيها، إنه العبد المحبوب المُعان الموفق من ربه، فلا يسمع ولا يبصر ولا يبطش ولا يسعى إلا في مرضاة الله تعالى، إن حزبه أمر فسأل الله فيه أعطاه وكفاه.

وإن هدده ضر أو نزلت به مصيبة فلجأ إلى الله، أعاذه ربه وحماه، حتى تصل عناية الله به أن يرعى خاطره، فيكره جل وعلا كل ما سيوء عبده ووليه، فيا لها من كرامة, ويا له من نعيم) [حياة النور، فريد مناع، ص(119)].

ولاشك أن خير القرون الصحابة رضوان الله عليهم لم يصلوا إلى ما وصلوا من مكانة عالية إلا عندما نالوا حب الله عز وجل وتوفيقه.

فهذا الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه الذي أحب الله تعالى بقوله وفعله واستطاع في فترة إسلامه أن يصنع مجدًا تليدًا يحكيه الناس إلى يومنا هذا.

حتى تؤمنوا:

(أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير، لما أسلم وقف على قومه، فقال: يا بني عبد الأشهل! كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا فضلًا، وأيمننا نقيبة.

قال: فإن كلامكم علي حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله.

قال: فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا) [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (1 280)].

فحب الدين وحب الله، منزلة عظيمة ومرتبة، يجازي الله بها خير الجزاء (فهي المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى علمها شمر السابقون، وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون.

فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون، وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات والنور الذي من فقده.

فهو في بحار الظلمات والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام.

وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال، التي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه تحمل أثقال السائرين إلى بلاد لم يكونوا إلا بشق الأنفس بالغيها وتوصلهم إلى منازل لم يكونوا بدونها أبدًا واصليها.

وتبوؤهم من مقاعد الصدق مقامات لم يكونوا لولاها داخليها، وهي مطايا القوم التي مسراهم على ظهورها دائمًا إلى الحبيب.

وطريقهم الأقوم الذي يبلغهم إلى منازلهم الأولى من قريب تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة، إذ لهم من معية محبوبهم أوفر نصيب وقد قضى الله يوم قدر مقادير الخلائق بمشيئته.

وحكمته البالغة أن المرء مع من أحب فيالها من نعمة على المحبين سابغة) [مدارج السالكين، ابن القيم، (3 5-6)].

فيا أيها الشاب الباحث عن الحب، أحب ربك أولًا، تفز بحب خلقه لك، وإن القبول والحب ليس فقط ما ستحصل عليه، بل ستفوز بجنة الله تبارك وتعالى:

(فإذا تيقظ قلبك وأفاق من غفلته، صار مضغة صالحة تصدر أوامرها إلى الأعضاء فيصلح الجسد كما صلح القلب من قبل ومن بعد العلم يأتي العمل؛ لأن زكاة العلم العمل به) وبهذا يكون [سباق نحو الجنان، خالد أبو شادي، ص(51)].

بالبذل والعطاء تنال الحب:

ها هو النبي صلى الله عليه وسلم (يجمع أصحابه من المهاجرين والأنصار، ليشاورهم في الأمر، وييمّم وجهه الكريم شطر الأنصار ويقول:

" أشيروا عليّ أيها الناس.."

فنهض سعد بن معاذ قائمًا كالعلم.. يقول:

(يا رسول الله، لقد آمنا بك، وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، ووالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا. .

إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله) [رجال حول الرسول، خالد محمد خالد، (1 133)].

فبالبذل والعطاء تنال حب الله تعالى، فليس العبادات فقط هي التي توجب محبة الله لعبده، ولكن إن دعوتك لأصحابك لحفظ كتاب الله تعالى، توجب محبة الله لك.

وإن توزيعك لبعض الأشرطة والكتيبات النافعة على زملائك في الدراسة، تورث محبة الناس لك التي هي نابعة من حب الله تعالى لك.

لا تكن كهذا:

إن تعثر الحياة وبغض الناس يأتي من معصية الله تبارك وتعالى، فاعلم (أنك إن آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب؛ انقضت عنك بسرعة.

وأعقبتك الألم العظيم الدائم، الذي مقاساته ومعاناته أشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر على محارم الله، والصبر على طاعته ومخالفة الهوى لأجله) [الفوائد، ابن القيم، (104-105)].

ماذا بعد الكلام؟

لعلك الآن عرفت السبب الذي يجعل الناس يحبونك، وعلمت الطريق الذي به تشبع حاجتك إلى القبول والحب، فما عليك أيها الشاب إلا أن تفعل ما يلي:

1. تقرب إلى الله بما يحب، وهو يحب أداء الفرائض التي افترضها الله على عباده كما جاء في الحديث (وما تقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. .) [رواه البخاري]، فحافظ على الصلوات الخمس في المسجد.

كذلك المحافظة على النوافل الاثني عشر ركعة من السنن المؤكدة التي حافظ عليها النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك المحافظة على ورد يومي من قراءة كتاب الله تعالى.

2. رتب أولوياتك ومهامك وأعمالك، فقدم الأهم على المهم والواجب على المستحب والفرض على النفل.

3. إذا فعلت ذلك تكون قد حصلت على صفات الشاب المسلم الفائز بجنة الله تعالى، كما جاء في الحديث أن أعرابيًا قال:

يا رسول الله دُلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال: (تعبد الله لا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان) [رواه البخاري ومسلم].

4. اطلب العون دائمًا والدعاء بالتوفيق والتيسير إلى الطاعة وعمل الفرائض، ويمكنك أن تتقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل حتى يحبك.

المصادر:

•   المراهقون، عبد العزيز النغيمشي.
•   الفوائد، ابن القيم.
•   مدارج السالكين، ابن القيم.
•   حياة النور، فريد مناع.
•   رجال حول الرسول، خالد محمد خالد.
•   سباق نحو الجنان، خالد أبو شادي.
•   سير أعلام النبلاء، الذهبي.

 المصدر: موقع مفكرة الإسلام